عاصمة العسل اللبناني

من طرف **Admin** السبت 27 أكتوبر 2012, 11:07 pm

عاصمة العسل اللبناني

عاصمة العسل اللبناني B7e607e23f1646b9ce9f7d0da4fbe580_L

«بيت الفقس» قرية الشعر والعسل في لبنان:
^تكاد لا توجد مدينة أو بلدة أو قرية في العالم، إلا تسعى الى أن تبتكر لنفسها هوية تجعلها تتميّز عن سواها. بلدة بيت الفقس في جرد منطقة الضنية ابتكرت هوية مزدوجة: نظم الشعر وإنتاج العسل. هنا قصّة عاصمة العسل اللبناني.

عبد الكافي الصمد:
لم يأت من فراغ إطلاق صفة «بلدة الشعر والعسل» على بيت الفقس، البلدة البسيطة التي تقع في جرد منطقة الضنية، إذ لا يكاد بيت فيها يخلو ممّن يقرظ الشعر أو يُربي النحل وينتج العسل، أو الاثنين معاً.
وإذا كان إلقاء الشعر يعدّ موهبة اكتسبها أهل البلدة بالسليقة، فإن تربية النحل وإنتاج العسل أصبحا بالنسبة إلى قسم كبير من عائلاتها حرفة ومورد رزق أساسياً، يتقدم على قطاع الزراعة الذي يُعدّ القطاع الإنتاجي الأول في الضنية، لكون قرابة 42 في المئة من سكانها تقريباً يعتاشون منه، حسب إحصاءات وزارة الزراعة اللبنانية لعام 2010.

باتت مدرسة:
هذا الواقع يشرحه رئيس تعاونية النحالين في البلدة حسين عواضة، الذي يتولى أيضاً منصب الأمين العام المساعد لاتحاد النحالين العرب. يقول إن بيت الفقس، نتيجة اهتمامها بهذا القطاع، «تحوّلت إلى مدرسة متخصصة ومفتوحة في تربية النحل وإنتاج العسل، إذ يكاد لا يجتمع اثنان فيها أو تعقد جلسة عامة، إلا يكون هذا الموضوع ثالثهما».
يردّ عواضة هذا الاهتمام إلى عوامل عدّة، أبرزها اثنان: الأول «أن تربية النحل وإنتاج العسل انتشرا بين أبناء البلدة مثل العدوى، لدرجة أنه لا يوجد بيت إلا فيه شخص أو أكثر يعمل في هذا القطاع؛ إما ملاكين لقفران النحل، أو في تسويق العسل وبيعه، أو عاملين فيه».
اهتمام أهالي بيت الفقس بهذا القطاع جعله الأول لديهم، اهتماماً ومردوداً، ما دفع قطاع الزراعة إلى التراجع الى المرتبة الثانية، الأمر الذي جعل البلدة استثناءً بين بقية بلدات الضنية، ومتمايزة عنها.
ميزة بيت الفقس في هذا المجال يشرحها عواضة بالأرقام. يوضح أن بلدته «تنتج سنوياً قرابة 140 طنّاً من العسل، بينما بقية بلدات الضنية وقراها لا تنتج أكثر من 10 أطنان. ويوجد في بيت الفقس قرابة 300 نحّال وأكثر من 20 ألف قفير، أي نحو 60 في المئة ممّا هو موجود في الضنية كلها».
لكن هذه الميزة لا تقتصر على الضنية فقط، ذلك أن بيت الفقس تعدّ حسب عواضة «أكبر منتج للعسل في لبنان، الذي يُنتج سنوياً حسب إحصاءات وزارة الزراعة عام 2010 قرابة 1500 طنّ، وتنتج بيت الفقس وحدها قرابة 7 في المئة من العسل في لبنان!».

قرية وتقاليد:
أكثر من 90 في المئة من عسل بيت الفقس يُباع في السوق اللبنانية، والبقية تُصدّر إلى دول الخليج العربي؛ أما تصديره إلى الدول الأوروبية، فإنه يقترن بشروط ومواصفات شكلية وموضوعية غير متوافرة حالياً. ولأن العاملين في هذا القطاع لا يزالون تقليديين، فإن توجههم نحو الأسواق الأجنبية لا يبدو متاحاً في المدى المنظور.
«لا توجد لدينا ماركات مسجلة لبضاعتنا، ولا شركات إنتاج وفق الأعراف السائدة»، يوضح عواضة، الذي يشير إلى أن «مراطبين العسل (العبوات الزجاجية) تباع بالجملة إلى تجار يأتوننا من مختلف المناطق اللبنانية، وخصوصاً من بيروت وطرابلس».

أنواع العسل:
أنواع العسل المُنتج في بيت الفقس والضنية عديدة، منها مثلاً عسل الزعتر، وعسل الأويسة، وعسل الكينا، وعسل الحمضيات، وعسل الجرد العالي، أي الذي يُنتج في منطقة جبلية لا يقل ارتفاعها عن 1500 متر عن سطح البحر، إضافة إلى عسل السنديان، الذي يُعدّ أجود أنواع العسل وأغلاها سعراً، حيث لا يقل سعر كيلو غرام الواحد منه عن 30 دولاراً أميركياً، بينما أدناه وهو عسل الحمضيات يراوح سعره بين 8 ـ 10 دولارات.
تطوّر قطاع تربية النحل وإنتاج العسل في بيت الفقس يشرحه عواضة بإشارته إلى أن أهالي البلدة «بدأوا به على نحو جدّي في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، بعدما تبيّن لهم أن مردوده المالي جيد، ويعوّضهم تراجع القطاع الزراعي. وخلال نحو عقد من الزمن حقق هذا القطاع قفزة نوعية جعلته يحتل المرتبة الأولى في البلدة».
هذا التطوّر تمثل في إنشاء تعاونية للنحّالين في بيت الفقس، وفي استخدام التقنيات الحديثة في تربية النحل، واعتماد خلية (langstos)، وهي الخلية المنتشرة والمعتمدة عالمياً، ومقاييسها محددة، والمشاركة في دورات تدريبية ومؤتمرات داخل لبنان وخارجه، والاستحصال مؤخراً على معدات حديثة في عصر وفرز وتعبئة وتوضيب العسل، يُنتظر أن يتم استخدامها قريباً.
هذا الواقع دفع عواضة إلى التعبير عن أمله بأن «تشهد المرحلة المقبلة نهضة لافتة في نشاطات تعاونية النحّالين، وأن ننزل إلى السّوق مراطبين من العسل مغلفة وموضبة باسم التعاونية، على أن يتم هذا الأمر خلال العام المقبل على أبعد تقدير»

فوائد العسل:
تكاد فوائد العسل لا تحصى. يكفي أن ذكره ورد في القرآن الكريم وأن فيه فوائد للناس وهو يحتل مكانة مميزة لدى عامّة الناس بلا استثناء، لكنّ المهتمين بأمر العسل يلفتون إلى أنه مساعد للعلاج من بعض الأمراض، وليس علاجاً قائماً في حدّ ذاته. ويوضحون أن العسل يساعد مثلاً على تجديد خلايا الجسم، ونسبة الفيتامين المرتفعة فيه تساعد على نمو العظام، وهو مفيد لكبار السنّ عموماً، وينشّط الدورة الدموية، عدا وجود انطباع بأنه يعمل على تحسين القدرة الجنسية.

كتبه :عبد الكافي الصمد الخميس, 06 أيلول/سبتمبر 2012

عاصمة العسل اللبناني Facebo11

www.facebook.com/apicole