قاعة السمن والعسل.. فندق قديم يعرض طيب البادية في فاس العتيقة

قاعة السمن والعسل.. فندق قديم يعرض طيب البادية في فاس العتيقة



بيع السمن البلدي والعسل الحر تجارة قديمة بمدينة فاس العتيقة، كان لها، ولا يزال، مكان مخصص لذلك هو قاعة السمن والعسل، التي هي عبارة عن فندق عتيق ينبض بالحياة في الطالعة الكبيرة، حيث يأتيه الزبناء الأوفياء، عشاق طيب البادية، من مدينة فاس وخارجها.



تجارة موروثة عن الأجداد
"هذا المحل ورثته عن جدي أحمد الشركي، الذي كان متخصصا في بيع السمن البلدي والعسل الحر والخليع وزيت الزيتون"، يقول نفيس هشام لهسبريس، مشيرا إلى أن عائلته توفر هذه المنتوجات الطبيعية بمحلها الكائن بقاعة السمن والعسل مباشرة من البادية، وبدون الاعتماد على الوسطاء.

وأوضح نفيس أن جده انتقل إلى محله الحالي بقاعة السمن والعسل سنة 1956 بعد أن كان يزاول تجارة السمن والعسل بمكان آخر بالمدينة العتيقة لفاس، مبرزا أن أربع عائلات فاسية قديمة هي التي تداول أحفادها على بيع السمن والعسل وزيت الزيتون والخليع بقاعة السمن والعسل.



وأضاف نفيس "نصنع السمن البلدي هنا داخل محلاتنا انطلاقا من الزبدة الطرية، التي يتم غسلها بالماء جيدا قبل إضافة ملح الطعام إليها لتصبح بعد مرور ثلاثة أشهر سمنا طبيعيا صالحا للأكل أو لإضافته إلى عدد من الأطباق لإعطائها النكهة المتميزة للسمن البلدي التقليدي".

وأوضح نفيس أن تجار قاعة السمن والعسل يوفرون سمنا بنكهة أعشاب الزعتر الذي يتم خلطه مع الزبدة عند تحضير السمن البلدي، مشيرا إلى أن عملية تحويل الزبدة الطرية إلى سمن جيد قابل للتخزين لمدة طويلة تحتاج إلى خبرة في المجال، اكتسبها تجار قاعة السمن والعسل بفاس من أجدادهم.



الزبدة الحسناوية وعسل "الصمايم"
وأكد تجار قاعة السمن والعسل بفاس أنهم يحضرون السمن البلدي من الزبدة الحسناوية التي يتم جلبها من منطقة الغرب، كما هو الشأن بالنسبة إلى التاجر هشام نفيس، الذي أشار إلى أن نكهة الزبدة الحسناوية مميزة عن غيرها، ومفضلة بذوقها منذ القدم لدى ساكنة فاس.

أما التزود بالعسل وخزنه داخل براميل كبيرة بقاعة السمن والعسل لعرضه للبيع بالتقسيط فيتم من مختلف البوادي، حيث تختلف نكهة العسل، حسب كل منطقة على حدة، كما أن ثمنه وجودته وفائدته مرتبطة بأنواع الأعشاب التي يرعى عليها النحل، حيث نجد عسل الأوكالبتوس والخزامى وزهر الليمون وغيرها.



"لدينا 12 نوعا من العسل الذي يوفره لنا مربو النحل من جميع الأنحاء، كما أن لدينا مناحلنا الخاصة، فأنا أقوم بتربية النحل في منحلي الموجود على طريق تاونات"، يقول نفيس، مضيفا أن عسل "الصمايم" الذي تنتجه مناحله مفضل لدى المستهلك بفاس، نظرا إلى كون أسراب نحله تتغذى على الأعشاب الطبيعية، مما يعطيه نكهة مميزة.

من جانبه، أشار محمد الفلالي، زبون وفيّ لتجار قاعة السمن والعسل، إلى أنه دأب على التزود بكل ما تحتاجه أسرته من سمن وعسل وزيت الزيتون والخليع من قاعة السمن والعسل، مضيفا أنه كان يأتي رفقة جده ووالده إلى هذا المكان، وأنه حافظ على هذه العادة نظرا إلى ثقته فيما يعرضه تجار هذه القاعة من عسل وسمن وغيرهما من طيب البادية.



"لا تخفى عليكم الأهمية الصحية للعسل الطبيعي والسمن البلدي، وحضورهما على مائدة الأسر الفاسية الأصيلة، التي لا يمكنها الاستغناء عن السمن والعسل والخليع"، يقول الفلالي لهسبريس، مبرزا أن السمن البلدي ضروري لإعداد الكسكس وكثير من الأطباق الفاسية الأخرى، التي أكد أن نكهتها لا تكتمل إلا بطعم السمن البلدي.

هسبريس / رشيد الكويرتي من فاس / السبت 22 يونيو 2019 - 14:00