النحالون اللبنانيون يثابرون على العمل رغم التحديات

النحالون اللبنانيون يثابرون على العمل رغم التحديات

يفاخر مختار بلدة القطارة في أعالي جرود جبيل، كمال الحشاش، بجودة عسله وكمية الإنتاج الذي يجنيه من قفران نحله، ويقول للشرفة "بدأت بتربية النحل صدفة عام 1990 عندما أهداني أحد أقاربي قفيرين من النحل. وبعد 22 عاماً، أصبح لديّ 200 قفير، أجني منها 2000 كيلو عسل سنوياً".

الحشاش الذي كان يشارك كما عادته في مهرجان العسل السنوي الذي نظمته بلدة ميفوق المجاورة لبلدته من 10-12 آب/أغسطس الجاري، يضيف "يقصدني مواطنون من كل لبنان لشراء عسلي لأنه صاف وسكّره طبيعي".

ويوافقه في الرأي عدد من زوار المعرض، وفي مقدمهم الفنان الياس الرحباني الذي يقول للشرفة "جئت لشراء عسل المختار".

ويلفت الحشاش إلى أن عسل القطارة وميفوق معروفان بمزاياهما العديدة، "فالنحل يقتات من أنواع عديدة من الزهور التي تنمو في الطبيعة من دون أي مواد كيمائية، ما يجعل من عسلنا الأغلى في لبنان إذ ان سعر الكيلو 44 ألف ليرة (30 دولار أميركي)".
تربية النحل في لبنان

تربية النحل في لبنان مهنة قديمة جدا ورائجة في مختلف المناطق اللبنانية لاسيما الجبلية منها، حيث زراعة أشجار التوت لإنتاج شرانق الحرير. وبعدما شهدت تربية النحل إنحساراً، عادت وازدهرت منذ منتصف الثمانينيات.

ويقول رئيس جمعية النحالين في لبنان، صعب وهبي، في حديث للشرفة "وفق آخر إحصاء أجري عام 2011، هناك بين 5600 و6000 نحال في كل لبنان، وحوالي 180 ألف قفير نحل تنتج سنوياً بين 18 و20 ألف طن عسل".

وهبي الذي يلفت إلى أن الانتاج كما عدد قفران النحل يرتفع وينخفض بحسب الأمراض التي تصيب النحل، يشير إلى أن "مجمل الإنتاج يباع في لبنان، بمقابل تصدير 2 في المائة منه إلى الدول العربية و3 في المائة إلى اليابان".

وينقسم العسل اللبناني إلى ثلاثة أنواع: عسل زهر الليمون، وموطنه الساحل، والثاني يجنى في المناطق الوسطى ويعرف بـ"الندوة العسلية" حيث يعيش النحل على الصنوبريات فيعطي عسلاً يحوي كمية من المعادن الطبيعية، والثالث هو العسل الجبلي الذي يجنى على ارتفاع 1200 متر وما فوق.

ويعتبر وهبي أن "هناك صعوبة في حث الجيل الجديد على تربية النحل لما يتطلب ذلك من جهد وتعب وعرق ومعرفة"، لافتا إلى أن غالبية مربي النحل هم لديهم وظائف أخرى.

ويقول "إن 99 في المائة من النحالين يعتمدون على تربية النحل كعمل إضافي لهم، خصوصاً وأن النحل يمكن أن يقدم لهم ثلاثة مواسم عسل في السنة من خلال نقل قفرانهم وفق مواسم الزهر، من الساحل فالجبل الأوسط، فالجبل العالي".
فروقات بين المناطق

من جانبه، يلفت أمين صندوق جمعية النحالين، موريس طانيوس، إلى أن منطقة جبل لبنان تأتي في صدارة أكثر المناطق إنتاجا للعسل لوجود كبار النحالين فيها ممن يملكون ما يزيد عن 1000 قفير نحل.

وتحل محافظة الجنوب في المرتبة الثانية في تربية النحل، إذ يشكل إنتاجها من العسل نحو خمس الإنتاج اللبناني، وبمعدل وسطي في العام يتراوح بين 400 و600 طن.

ولا يقتصر إنتاج نحل الجنوب على العسل وحده، بل على حبوب اللقاح وغذاء الملكة و"البروبوليس"، وهي مادة صمغية يجنيها النحل من براعم الأشجار ليسد بها الشقوق داخل قفيره. ويعطي نحل الجنوب موسمين: صيفي وربيعي.

وبحسب إحصاء أجري في عام 2011، فقد تم تسجيل خسارة 40 في المائة من نحل جبل لبنان والشمال بسبب مرض الفروة والهجرة الفجائية للنحل.

ولمواجهة هذه الأزمة، ألزمت وزارة الزراعة كل من يريد دواء لمعالجة أمراض النحل، بتقديم طلب للحصول على الأدوية والإفادة عن عدد قفرانه ووضعها، بحسب طانيوس.

وفي حين تزدهر أيضاً تربية النحل في الشمال والبقاع، يحتل عسل ميفوق المرتبة الأولى لبنانياً، وفق رئيس جمعية عسل ميفوق، البروفسور جورج الحاج بطرس، الذي يرد أسباب تميز عسل ميفوق لـ"تعدد ارتفاعات مواطن تربية النحل في البلدة".

ويقول بطرس للشرفة "يبدأ ارتفاع البلدة عن سطح البحر 800 متراً ويصل في أعلاه إلى 1100 متر، ما يسمح للنحل بالعيش في ارتفاعات متعددة، ويؤمن تنوعاً في رحيق الزهر والنبات والأشجار. ويضاف إلى ذلك قرب المياه الجوفية العذبة والنظيفة من قفران النحل. وبذلك، فإن النحل يصرف جهده في تحسين إنتاجية عسله، ولا يبذل جهداً في التحليق بحثاً عن المياه".

ويشير بطرس إلى أن معدل إنتاج ميفوق السنوي يتراوح بين ثلاثة وأربعة أطنان، ينتجها نحالان اثنان فقط.
العسل ومستحضرات التجميل

وفيما العسل اللبناني مخصص للأكل ويستعمل أحيانا كدواء طبيعي، يدخله البعض في صناعة أنواع من وصفات الأعشاب العلاجية والصابون والشامبو.

وفي هذا السياق، أسس الخبير الكيميائي محمد عريس عام 1993 شركة “Beesline”، وافتتح مختبراً ومصنعاً في بشامون، ينتج فيه مستحضرات تجميل للجسم والبشرة، وصابون، وشامبو من العسل.

ويقول عريس للشرفة "يعمل في المختبر 150 شخصاً، من بينهم 20 كيميائياً، ولدينا حوالي 4000 تركيبة نسوّق من أصلها 150 منتجاً يشكل العسل المادة الأساسية فيها، فيما 80 في المائة من إنتاجنا يصدّر إلى عدد كبير من الدول العربية".

ويختم عريس قائلا "ما نقوم به يساهم في الحفاظ على مهنة تربية النحل، خصوصاً وأن أرض لبنان غنية بالأزهار والأشجار والنباتات".

2012-08-24 نهاد طوباليان من بيروت

www.facebook.com/apicole